حين تغادر أرضك التي أنبتتك وأنت لم ترتو من عناصر ترابها ومائها وهوائها، لأنه لم يخطر ببالك اطلاقا أنك ستغادرها في يوم ما، ولأنك تحملها في جوفك كما سكنت جوف أمك التي تلبي نداءك متى هممت بالمناداة عليها ، أو متى نويت أن تقضي لك أمرا، ولأنها أيضا النخلة التي تستظل بظلها والتي تساقط عليك في غير ما وقت فرحا وأملا ومدى فاعلم أنك تغادر وفؤادك هواء، قدماك لا يقدران على حملك لخطوة واحدة، ويداك ضارعتان لا ترغبان سوى في عناق لا فراق من بعده لظلك الماكث هناك يتوسد عطر الأرض بعد هطول المطر أول الخريف، فيطيب جرحك وتنسى من تكون، فيسألك ظلك هل أنت بخير ؟ ولماذا لم تعد جميلا كما عهدتك ؟ فتلوذ بالصمت وتدرك أن الوقت غير الوقت وأن المكان
غير المكان إلا ما ثبت في رئتيك من عطر الأرض