تفصلنا خمسة قرون عن الأحداث المأساوية التي عاشها الفيلسوف الإيطالي جوردانو برونو (تولاً 1548 - روما (1600) جريمته أنه فكر بحرية والتفكير هو أكثر ما يُزعج الأديان، وأكثر ما يؤرق حرّاس الدين، في جميع الملل، هو الحرية، لذلك أحرقته الكنيسة وأبادت جسده وحولته رماداً، لكن أفكاره بقيت تُرفرف في الفضاء، ملاصقة لذاكرته، ولم تستطع أي قوة، مهما ادعت من قداسة أو طهر، أن تمحوها من الوجود. أكيد أن برونو كان سيشهد نفس المصير لو أنه ولد في عالم الإسلام أو اليهودية: القول بوجود عوالم لا متناهية يقضي على فكرة الآخرة في الديانات الثلاث الإقرار بقدم العالم هو نفي كلّي للخلق من عدم، وهو بند إيمان لا مجيد عنه في الديانات الثلاث انتقاده لموسى والقول بأنه دجال ماكر، كان سيكلفه الحرمان وربما القتل من طرف اليهود والمسلمين احتقاره للأنبياء بالحملة واعتبارهم مجموعة من الكذابين، أمر لا يقبله أي مؤمن وكان سيكفر من قبل المسلمين واليهود على حدّ سواء؛ إنكاره لعذرية مريم هو إنكار المعلوم من الدين بالضرورة ويُعدّ كفرا في الإسلام لأنه يُكذِّب القرآن القول بغناء النفس مع الجسد هو سحق لفكرة البعث والقيامة، وهو كفر بواح في الإسلام والمسيحية وبعض الفرق اليهودية قراءة الكتب المحظورة هي من الممنوعات في جميع الأديان التوحيدية.

محمد المزوغي